تقارير دولية: الاستثمارات الخضراء تزداد بنسبة 40% في المنطقة

لمحة نيوز

في تطور لافت يعكس تحولاً نوعياً في التوجهات الاقتصادية والتنموية، كشفت تقارير دولية حديثة عن نمو الاستثمارات الخضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 40% خلال العام الجاري، ما يشير إلى تصاعد غير مسبوق في الاهتمام بالمشاريع المستدامة والبيئية.

ووفقاً للبيانات الصادرة عن مؤسسات اقتصادية وبيئية دولية، فإن هذه الزيادة الملحوظة تأتي في إطار التزام الدول الإقليمية بأهداف التنمية المستدامة، وتنفيذاً لتعهداتها في اتفاقيات المناخ العالمية مثل اتفاق باريس.

 ويشمل هذا النمو مشاريع متعددة في مجالات الطاقة المتجددة كالشمسية والرياح، بالإضافة إلى مبادرات في إعادة التدوير، ومعالجة النفايات، وتحسين كفاءة استخدام الموارد.

تحول استراتيجي في السياسات الاقتصادية

وتشير التحليلات إلى أن الاستثمارات الخضراء لم تعد مجرد توجه بيئي أو إجراء رمزي، بل أصبحت محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي المتوازن في دول المنطقة. 

إذ تسعى الحكومات إلى خلق بيئة استثمارية داعمة لمشاريع الاقتصاد الأخضر، من خلال توفير حوافز تشريعية وتسهيلات مالية، فضلاً عن الدخول في شراكات مع القطاع الخاص.

ويؤكد خبراء الاقتصاد أن هذا التحول يحمل في طياته العديد من الفوائد، ليس فقط على مستوى الحد من

الانبعاثات الكربونية، وإنما أيضاً من حيث تنويع مصادر الدخل، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الابتكار في قطاعات التقنية النظيفة.

طموحات بيئية... وخطى متسارعة نحو الحياد الكربوني

في هذا السياق، تبرز جهود العديد من الدول في المنطقة لتحقيق أهداف الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن، من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية العملاقة، ومزارع الرياح، وتطوير حلول الطاقة الهيدروجينية، بالإضافة إلى خطط التوسع في البنية التحتية للنقل المستدام.

وتستفيد هذه الدول من المبادرات التمويلية والمناخية التي أطلقتها مؤسسات دولية مثل البنك الدولي، وصناديق تمويل المناخ، ما يعزز من قدرتها على تنفيذ مشاريع ضخمة تراعي البعد البيئي، وتخفض من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية عالية الانبعاثات.

تنامي وعي الحكومات والقطاع الخاص

وتعكس هذه القفزة النوعية تزايد وعي الحكومات والشركات المحلية بأهمية الاستثمار في المستقبل البيئي، خاصة مع تزايد المخاطر المرتبطة بتغير المناخ وندرة الموارد الطبيعية. 

فقد بدأت مؤسسات مالية كبرى في المنطقة بإطلاق صناديق استثمارية خضراء، وإدراج معايير الاستدامة ضمن استراتيجياتها التمويلية.

كما يشهد السوق الإقليمي تزايد الطلب من قبل المستثمرين العالميين على الأصول

الخضراء، ما يعزز من جاذبية المشاريع الصديقة للبيئة في المنطقة، ويمنحها بعداً تنافسياً في المشهد الاقتصادي الدولي.

تحديات قائمة... وحاجة إلى إصلاحات تنظيمية

ورغم هذا الزخم في الاستثمارات الخضراء، إلا أن الطريق لا يخلو من التحديات.

 إذ يشير الخبراء إلى وجود عقبات تنظيمية وتمويلية لا تزال تعيق تسارع وتيرة المشاريع الخضراء. 

من أبرز هذه التحديات غياب الأطر القانونية الواضحة التي تنظم هذا النوع من الاستثمارات، بالإضافة إلى محدودية الحوافز المالية المقدمة للمستثمرين.

كما تبرز الحاجة إلى تطوير القدرات الفنية والبشرية المحلية القادرة على إدارة وتشغيل المشاريع البيئية بكفاءة عالية، وهو ما يتطلب استثماراً في التعليم والتدريب، إلى جانب إدماج مفاهيم الاستدامة في السياسات العامة والبرامج الاقتصادية.

دعم دولي وتكامل إقليمي

في هذا الإطار، تشهد المنطقة تعاوناً متزايداً مع الشركاء الدوليين لتعزيز الاقتصاد الأخضر، حيث تسعى المؤسسات المالية الكبرى إلى دعم المبادرات المناخية، وتقديم قروض ميسّرة ومنح للمشاريع التي تلتزم بالمعايير البيئية. كما تُعقد مؤتمرات ومنتديات إقليمية ودولية لبحث سبل التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة.

وتسعى الدول إلى تحقيق

تكامل إقليمي في هذا المجال من خلال إطلاق مشاريع عابرة للحدود في مجال الربط الكهربائي الأخضر، ومبادرات إقليمية لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام، بما يعزز من أمن الطاقة والغذاء والمياه في المستقبل.

نظرة مستقبلية واعدة

تشير المعطيات الحالية إلى أن هذه الزيادة في الاستثمارات الخضراء قد تمثل نقطة تحول فارقة في مسار التنمية الاقتصادية والبيئية للمنطقة. فمع استمرار تدفق رؤوس الأموال نحو المشاريع المستدامة، وازدياد الوعي العام بأهمية الحفاظ على البيئة، تبدو المنطقة مهيأة لتكون لاعباً أساسياً في التحول العالمي نحو اقتصاد منخفض الكربون.

ويؤكد المحللون أن استدامة هذا الزخم تتطلب جهوداً مستمرة في الإصلاحات التنظيمية، وتوسيع نطاق الشراكات، وتحفيز الابتكار، لضمان تحقيق الأثر البيئي والاقتصادي المرجو.

خلاصة

في ظل التحديات البيئية العالمية، يمثل صعود الاستثمارات الخضراء بنسبة 40% في المنطقة مؤشراً إيجابياً على وعي متنامٍ بأهمية التنمية المستدامة. ومع استمرار التوجه نحو دعم المشاريع البيئية والتقنيات النظيفة، تتعزز مكانة المنطقة كوجهة واعدة في خارطة الاقتصاد الأخضر العالمي. 

ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا المسار يتطلب مزيداً من الإصلاحات والتعاون، لضمان استثمار مستدام

يحقق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة.

تم نسخ الرابط