كيف تؤثر وضعية الجلوس على صحتك النفسية والجسدية؟

في عالم تتزايد فيه ساعات العمل أمام الشاشات ويقل فيه النشاط البدني اليومي أصبحت وضعية الجلوس عاملا حاسما في تحديد جودة حياة الإنسان الصحية والنفسية.
ورغم بساطة الجلوس في ظاهره إلا أن العلم أثبت أن الطريقة التي يجلس بها الفرد تؤثر في أدائه العقلي ووظائف جسده وحالته العاطفية بشكل غير متوقع.
لكن ما مدى خطورة الجلوس الخاطئ وكيف يمكن أن تتحول عادة يومية إلى مصدر للقلق الجسدي والنفسي دعونا نتابع.
الجلوس سلوك روتيني قد يقود إلى مشكلات مزمنة
يظهر الواقع أن ملايين الأشخاص حول العالم يقضون يومهم جالسين لأكثر من 8 ساعات سواء في المكاتب أو أثناء القيادة أو أمام الهواتف.
ومع الوقت أصبحت وضعية الجلوس غير الصحية أحد العوامل الخفية التي تؤدي إلى تراجع في الأداء البدني والنفسي دون أن ينتبه لها الكثيرون.
الوضعية الخاطئة لا تضر الظهر فقط بل تؤثر على الجهاز العصبي والدورة الدموية والهرمونات بل وحتى على طريقة تفكير الإنسان وشعوره تجاه نفسه.
التأثير الجسدي
آلام الظهر والرقبة
عندما يكون الظهر مقوسا والرأس مائلا إلى الأمام يزداد الضغط على الفقرات مما يؤدي إلى توتر عضلي وانزلاقات وآلام مزمنة قد يصعب علاجها.
خلل الدورة الدموية
وضع الساقين بشكل خاطئ أثناء الجلوس قد يعيق تدفق الدم ويزيد من احتمالية التجلط أو التورم خاصة مع الجلوس المتواصل دون حركة.
اختلال في التنفس
الجلوس المنحني يضغط على الحجاب الحاجز والرئتين ويقلل من كفاءة التنفس وهو ما يؤثر سلبا على نشاط الجسم وقدرة الدماغ على التركيز.
إرهاق العين والصداع
الجلوس بالقرب من الشاشات بوضعية خاطئة يؤدي إلى إجهاد بصري يرافقه توتر في الرقبة وصداع شبه يومي.
التأثير النفسي الجسد يترجم مشاعرنا والعكس صحيح
الجسد لا يعبر فقط عن مشاعرنا بل يشارك في صناعتها. وهذا ما تؤكده نظريات الارتجاع الجسدي في علم النفس والتي تربط بين وضعية الجسد والحالة العاطفية.
الوضعية المنحنية تعزز الاكتئاب
الدراسات تشير إلى أن الجلوس
الوضعية المنتصبة تعزز الثقة
على النقيض فإن الجلوس بوضعية مستقيمة مع الرأس مرفوع والكتفين للخلف يرسل إشارات تعزز الثقة بالنفس وتخفف التوتر.
تأثيرات هرمونية فعلية
الوضعية الجيدة قد تسهم في تقليل هرمون الكورتيزول المرتبط بالضغط النفسي وزيادة السيروتونين والدوبامين وهما مسؤولان عن الاستقرار العاطفي والشعور بالرضا.
تلعب بيئة العمل دورا كبيرا في التأثير على وضعية الجلوس. الكراسي غير المريحة أو المكاتب غير المتناسبة مع طول الجسم تجبر الموظف على الجلوس بشكل ضار دون وعي.
ولهذا تتجه الشركات الحديثة إلى توفير كراسي قابلة للتعديل ومكاتب مرنة مثل المكاتب القابلة للوقوف وبيئة تتيح الحركة كل فترة وذلك لتحسين الأداء وتقليل الغيابات الناتجة عن مشاكل صحية.
خطوات عملية كيف نعيد تدريب أجسادنا على الجلوس الصحي:
دعم أسفل الظهر بمسند مناسب أو وسادة
محاذاة الرأس مع العمود الفقري دون إمالته للأمام أو الخلف.
تثبيت القدمين على الأرض أو على دعامة وتجنب تقاطع الساقين.
ضبط الشاشة على مستوى العين لتقليل انحناء الرقبة.
القيام كل ساعة لتغيير الوضعية أو المشي لبضع دقائق.
ممارسة تمارين التمدد أو الاسترخاء بعد ساعات العمل.
الاهتمام بوضعية الجلوس ليس ترفا أو مجرد مسألة شكل بل هو قرار يومي يؤثر على الحالة النفسية ومستويات الطاقة وحتى جودة النوم.
وعندما نحسن من طريقة جلوسنا فإننا نساعد أنفسنا على التفكير بشكل أوضح والشعور براحة داخلية أكبر وتقليل فرص الإصابة بالإرهاق أو المزاج السلبي.
الوضعية التي تجلس بها يوميا سواء في العمل أو أثناء الدراسة أو الراحة تترك أثرا تراكميا قد لا تلاحظه سريعا لكنه عميق ومستمر.
وإذا كانت الحركة المنتظمة ضرورية للصحة فإن الجلوس الواعي هو الخطوة الأولى للوقاية من كثير من المشكلات النفسية والجسدية.
ابدأ اليوم بتصحيح جلستك ليس فقط من أجل عمودك الفقري بل من أجل صفاء