منظمة الصحة العالمية توافق على أول لقاح عالمي للملاريا لفئة عمرية جديدة

لمحة نيوز

منظمة الصحة العالمية توافق على أول لقاح عالمي للملاريا لفئة عمرية جديدة

في إنجاز طبي وعلمي يُبشر بمستقبل خالٍ من أحد أقدم الأمراض الفتاكة، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن موافقتها على أول لقاح عالمي للملاريا مخصص لفئة عمرية جديدة. هذا القرار التاريخي يمثل نقطة تحول محورية في المعركة ضد الملاريا، حيث يوسع نطاق الحماية ليشمل مجموعات سكانية إضافية معرضة للخطر، مما يعزز من الجهود العالمية للقضاء على هذا المرض الذي يودي بحياة مئات الآلاف سنويًا. يفتح هذا اللقاح، بفعاليته المثبتة وسلامته، فصلاً جديداً في استراتيجيات الصحة العامة، مقدماً أملاً ملموساً للمجتمعات الأكثر تضرراً.

الملاريا: تحدٍ عالمي مستمر للصحة العامة

تُعد الملاريا، التي تسببها طفيليات تنتقل إلى البشر عن طريق لدغات إناث بعوض الأنوفيلة المصابة، واحدة من أقدم وأفتك الأمراض المعدية في العالم. على الرغم من التقدم المحرز في الوقاية والعلاج، لا تزال الملاريا تشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء

الكبرى. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تم تسجيل 249 مليون حالة ملاريا و608 آلاف وفاة في عام 2022، غالبيتها من الأطفال دون سن الخامسة. لقد شكل غياب لقاح فعال واسع النطاق عقبة رئيسية في جهود القضاء على المرض، مما جعل الابتكار في هذا المجال ضرورة قصوى للحد من هذه الأرقام المروعة.

اللقاح الجديد: توسيع نطاق الحماية لمجموعات عمرية حيوية

اللقاح الجديد، الذي حصل على موافقة منظمة الصحة العالمية، يمثل تقدمًا كبيرًا لأنه يستهدف فئة عمرية جديدة، مما يوسع نطاق الحماية إلى ما هو أبعد من التركيز السابق على الأطفال الصغار جدًا. بينما كان لقاح "RTS,S/AS01" (المعروف تجارياً باسم موسكيريكس) هو الأول الذي أوصت به المنظمة للأطفال منذ عام 2021، فإن اللقاح الجديد، والذي يُشار إليه غالبًا باسم "R21/Matrix-M" أو لقاحات الجيل الثاني، أظهر فعالية عالية في تجارب سريرية على فئات عمرية أوسع، بما في ذلك الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين. هذه الفئة العمرية تلعب دورًا حيويًا في انتقال المرض، وتوفير الحماية لها

يمكن أن يقلل بشكل كبير من معدلات الإصابة والوفيات، ويسرع من تحقيق السيطرة على الملاريا.

الفعالية المزدوجة: "R21/Matrix-M" وتأثيره المحتمل

يتميز لقاح "R21/Matrix-M"، الذي طورته جامعة أكسفورد، بفعالية ملحوظة وصلت إلى حوالي 75% في التجارب السريرية، وهي نسبة أعلى من اللقاحات السابقة. هذه الفعالية، إلى جانب تكلفته الإنتاجية المحتملة الأقل، تجعله أداة قوية في حملات التحصين الجماعي. آلية عمل اللقاح تركز على استهداف مرحلة معينة من دورة حياة طفيل الملاريا في جسم الإنسان، مما يمنع المرض من التطور. إن الموافقة على هذا اللقاح تفتح الباب أمام استراتيجية "اللقاح المزدوج"، حيث يمكن استخدام كلا اللقاحين (RTS,S و R21/Matrix-M) لتوفير حماية أوسع وأكثر شمولاً ضد الملاريا، وتوفير تحصين الملاريا على نطاق أوسع.

الآثار العالمية: تسريع حملات التحصين وإنقاذ الأرواح

إن موافقة منظمة الصحة العالمية على هذا اللقاح ستكون لها آثار عميقة على الصحة العامة العالمية. أولاً، ستسمح للدول الأكثر تضررًا بالبدء

في شراء وتوزيع اللقاحات على نطاق واسع، بدعم من المنظمات الدولية وشركاء التمويل. ثانيًا، ستسهم في تقليل العبء على أنظمة الرعاية الصحية في هذه الدول، حيث تنخفض حالات الإصابة الشديدة والوفيات. ثالثًا، تُعزز هذه الخطوة من الثقة في اللقاحات كأداة أساسية لمكافحة الأمراض المعدية، مما يمهد الطريق لابتكارات مستقبلية. ومع توافر لقاحين فعالين، يمكن للدول أن تختار الأنسب لبرامجها الوطنية، مما يدعم جهود الاستئصال العالمي للملاريا.

التحديات المحتملة: الإنتاج والتوزيع والتمويل

على الرغم من الأخبار الإيجابية، لا تزال هناك تحديات كبيرة يجب معالجتها. يشمل ذلك تحديات الإنتاج الضخم لمليارات الجرعات اللازمة لتلبية الطلب العالمي، وضمان سلاسل التوريد الباردة الفعالة للتوزيع في المناطق النائية، وتأمين التمويل المستدام لبرامج التحصين. كما أن التوعية المجتمعية والثقة في اللقاحات ستكونان حاسمتين لضمان معدلات تطعيم عالية. ومع ذلك، فإن الإرادة السياسية والتعاون الدولي، اللذين تكللا بهذه الموافقة، يوفران

أساسًا قويًا للتغلب على هذه العقبات.

تم نسخ الرابط