دراسة حديثة تُحذر: الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يزيد من مخاطر الأمراض المزمنة

لمحة نيوز

دراسة حديثة تُحذر: الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يزيد من مخاطر الأمراض المزمنة

كشفت دراسة علمية حديثة، نُشرت نتائجها في منتصف عام 2025، عن تحذير بالغ الأهمية: الإفراط في استخدام المضادات الحيوية لا يُسهم فقط في تفاقم مقاومة البكتيريا للأدوية، بل يزيد أيضًا بشكل كبير من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة. تُقدم هذه الدراسة أدلة جديدة تُؤكد أن التوازن الدقيق للميكروبات في أمعاء الإنسان، المعروف باسم "الميكروبيوم"، يُمكن أن يتأثر سلبًا بالاستخدام غير الرشيد للمضادات الحيوية، مما يُمهد الطريق لمشكلات صحية طويلة الأمد تتجاوز بكثير التداعيات الفورية للمرض.

سياق المشكلة: سلاح ذو حدين

المضادات الحيوية هي بلا شك واحدة من أعظم الاكتشافات الطبية في القرن العشرين، وقد أنقذت ملايين الأرواح من الأمراض البكتيرية الفتاكة. ومع ذلك، فإن الإفراط في وصفها واستخدامها، سواء لعلاج أمراض بسيطة لا تتطلبها أو كمكملات غير ضرورية، قد أفرز مشكلتين رئيسيتين: مقاومة المضادات الحيوية، حيث تُصبح البكتيريا قادرة على مقاومة تأثير الأدوية،

والآن، كما تُشير الدراسة الجديدة، التأثيرات طويلة الأمد على صحة الإنسان.

الكشف الجديد: رابط بين المضادات الحيوية والأمراض المزمنة

أُجريت الدراسة، التي قادها باحثون على مدار عدة سنوات، وشملت آلاف المشاركين. ركزت على تحليل بيانات الأفراد الذين تعرضوا لجرعات متكررة أو طويلة الأمد من المضادات الحيوية في مراحل مختلفة من حياتهم، ومقارنة معدلات إصابتهم ببعض الأمراض المزمنة مع مجموعات لم تتعرض لنفس القدر من المضادات الحيوية.

النتائج كانت مقلقة: وجدت الدراسة ارتباطًا واضحًا بين الاستخدام المتكرر للمضادات الحيوية وزيادة مخاطر الإصابة بـ:

الحساسية والأمراض المناعية الذاتية: بما في ذلك الربو، والأكزيما، وبعض أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي.

السمنة واضطرابات التمثيل الغذائي: أظهرت بعض البيانات الأولية ارتباطًا بتغيرات في وزن الجسم ومقاومة الأنسولين.

الميكروبيوم: حجر الزاوية في الصحة

يُعزى هذا الارتباط إلى التأثير السلبي للمضادات الحيوية على الميكروبيوم المعوي، وهو مجتمع التريليونات من الكائنات

الدقيقة (البكتيريا، الفطريات، الفيروسات) التي تعيش في أمعائنا. يُلعب الميكروبيوم دورًا حيويًا في الهضم، إنتاج الفيتامينات، تدريب الجهاز المناعي، وحتى التأثير على المزاج.

عندما تُستخدم المضادات الحيوية، فإنها لا تقتل البكتيريا الضارة فحسب، بل تُدمر أيضًا البكتيريا النافعة التي تُشكل جزءًا أساسيًا من الميكروبيوم الصحي. هذا الاضطراب يُمكن أن يُغير توازن الميكروبيوم لفترات طويلة، مما يُقلل من تنوعه ويُضعف قدرته على أداء وظائفه الحيوية. يُمكن أن يُؤدي ذلك إلى خلل في الجهاز المناعي، والتهاب مزمن، وتغيرات في مسارات التمثيل الغذائي، مما يُزيد من قابلية الجسم للإصابة بالأمراض المزمنة.

دعوة للترشيد: نحو استخدام أكثر وعيًا

تُشكل هذه الدراسة دعوة عاجلة للمجتمع الطبي والعامة لتبني نهج أكثر ترشيدًا في استخدام المضادات الحيوية:

التشخيص الدقيق: التأكيد على ضرورة التشخيص الصحيح قبل وصف المضادات الحيوية، والتفريق بين العدوى البكتيرية والفيروسية (التي لا تُعالَج بالمضادات الحيوية).

التعليم والتوعية: زيادة وعي الأطباء والمرضى

بمخاطر الإفراط في استخدام المضادات الحيوية وآثارها الجانبية طويلة الأمد.

البحث عن بدائل: استكشاف وتطوير علاجات بديلة للعدوى البكتيرية الخفيفة، وتقنيات تُعزز من الميكروبيوم بعد استخدام المضادات الحيوية (مثل البروبيوتيك).

البروتوكولات الصارمة: تطبيق بروتوكولات صارمة في المستشفيات والمرافق الصحية للحد من الاستخدام غير الضروري للمضادات الحيوية.

الآثار المستقبلية: صحة الإنسان والوعي الطبي

ستُغير هذه الدراسة، إلى جانب الأبحاث المماثلة، من النظرة العالمية للمضادات الحيوية. لن تُنظر إليها فقط كعلاج فوري للعدوى، بل كعامل يُمكن أن يُحدث تغييرات بيولوجية بعيدة المدى. يُتوقع أن تُساهم في دفع الأبحاث نحو فهم أعمق للميكروبيوم البشري وتأثيراته على الصحة والمرض. كما أنها ستُشكل أساسًا لسياسات صحية جديدة تُركز على تعزيز الصحة الوقائية والحد من الاستخدام غير المبرر للأدوية.

في ضوء هذه النتائج، هل سيُحدث الوعي المتزايد بمخاطر المضادات الحيوية تغييرًا جذريًا في ممارسات الوصف الطبي والسلوك العام، وهل ستُمهد هذه الأبحاث الطريق

لنهج أكثر شمولية في رعاية صحة الأمعاء والجهاز المناعي؟

تم نسخ الرابط